تحت شعار ( تراثنا هويتنا )

اقام المركز العلمي العراقي وبرعاية دائرة العلاقات الثقافية العامة / وزارة الثقافة ، ورشة علمية في فندق بغداد قاعة دجلة يوم الاثنين 14/4/2014 وشارك في اعمال الورشة العلمية الأستاذ المساعد الدكتور صلاح رشيد الصالحي (قسم توثيق بغداد) قدم بحث بعنوان (اثر الحروب في تدمير الاثار العراقية، نظرة تاريخية ) ، والأستاذ المساعد الدكتور سعدي إبراهيم الدراجي (قسم توثيق بغداد) وقدم بحث بعنوان (سرقة المباني التراثية في بغداد) ، والدكتور حميد محمد وقدم بحث بعنوان (العمارة البغدادية وصيانتها من الاندثارات) ، والمدرسة شيماء ماجد الحبوبي (قسم العلوم الانسانية)قدمت بحث بعنوان (حماية الاثار من الانسان والى الانسان)..

 

وقد كان ملخص بحث الدكتور صلاح لاشيد الصالحي يتناول الاتي : من يدرس تاريخ العراق قديما وحديثا يجد الكثير من الحروب المدمرة التي تعرض لها ، وما رافقها من قتل وتدمير حيث عانى المجتمع العراقي من ويلات تلك الحروب ، ومن الطبيعي  أدت الى تدمير تراثه الحضاري ، والملاحظ ان تلك الحروب تنشط عندما يسري الضعف في السلطة المركزية ،فيكون عرضه للغزو والاحتلال من القوى الخارجية الطامعة في خيراته،  ومن هنا نجد مدنا اصابها الخراب واندثرت بفعل تلك الغزوات منها اور وبابل و نينوى  وآشور والحضر …الخ ودمرت معها المعابد والاسوار وتماثيل الآلهة، بل سرقت آثاره ونقلت بعيدا خارج حدود بلاد الرافدين فقد عثر على مسلة النصر نرام- سين ملك الامبراطورية الاكدية ، ومسلة قوانين حمورابي وغيرها في سوسة عاصمة  عيلام (ايران حاليا) ، ولم يكن الحال بأفضل في العصر الاسلامي فقد عاشت بغداد خاصة والعراق والعالم الاسلامي عامة بأكبر هجمة مغولية شرسة ادت الى تدمير الدولة العباسية سياسيا وحضاريا، واشارت المصادر الاسلامية بحادثة القاء الكتب في دجلة وتخريب مدارسها كالمدرسة المستنصرية  

    واذا انتقلنا الى القرن التاسع عشر عندما كان العراق تحت سلطة الدولة العثمانية أصبح  مسرحا للنهب الاثري من قبل البعثات الاوربية التي استغلت جهل وفقر الشعب لتسرق ما طاب لها من الأثار التي لا تقدر بثمن ،وحاليا تعتبر من اهم المخزونات الاثرية الموجود في متاحف لندن (انكلترا)وللوفر (باريس) وفي شيكاغو وبنسلفانيا ومشيغان(الولايات المتحدة الامريكية )، و روما  … الخ ، وفي بداية القرن العشرين وخلال الحرب العالمية الاولى نسف الاتراك باب الطلسم العباسي وهو من ابواب سور بغداد قبيل انسحابهم من العراق (1917) فتركوا ذكرى سيئة تضاف الى فترة حكمهم الطويل المتخلف حضاريا .

    وما بين الحربين صدرت مجموعة من القوانين تحدد شروط التنقيبات الاثرية للبعثات الاجنبية، وحماية المواقع الاثرية وصيانة الابنية والاثار المكتشفة ، وانشاء متحف كبير يضم تراث هذه الامة في مقره الحالي (علاوي الحلة) ،  وعندما اندلعت الحرب العراقية – الايرانية (1980-1988) اصيبت المواقع الاثرية على الحدود الشرقية بالتصدع والتخريب نتيجة للعمليات العسكرية بين الجارتين ، كذلك في حرب الخليج الثانية (1991) تعرض موقع اور الاثري في الجنوب للاعتداء من قبل القوات الامريكية حيث جرت عمليات تخريب والحفر العشوائي في الموقع الذي يعود الى سلالة اور الثالثة (2100 ق.م) ، وخلال فترة الحصار الدولي على العراق جرت عمليات تهريب للأثار البعض منها اعيد الى المتحف والبعض الاخر وجد طريقة الى متاحف الاوربية واسرائيل ومنها الصحون الارامية التي وصلت الى اسرائيل وعددها (50) اناء عليهم كتابة ارامية اقدمها ذكر فيه اسم السيد المسيح(عليه السلام).

     أما في حرب الخليج الثالثة (2003) فقد تعرض العراق بكاملة للعمليات العسكرية والاسلحة التدميرية دون تفريق بين المواقع العسكرية والمدنية والاثارية  ، كما تعرضت المواقع الاثرية والمتحف العراقي الى عمليات النهب والتخريب المنظم جعلت العالم كله يشعر بالأسى والحزن   ، فقد استخدامت المواقع الاثرية كقواعد عسكرية مثل اور وبابل والمواقع الاثرية في نينوى وبذلك قدمت الفرصة لعمليات  التخريب ومصادرة وتهريب الاثار الى الخارج على يد القوات الامريكية ، وهذه التحف الرائعة التي وجدت طريقها الى اسواق لندن وجنيف ونيويورك واسرائيل وتم بيعها بابخس الاثمان . ومع التغير السياسي المفاجىء والسريع عام (2003) وما اعقبة من ضعف وحالة الفوضى في اجهزة الدولة الامنية جرت عمليات لنهب الاثار من المتحف العراقي بل وتدمير الاثار الثمينة وتكسيرها أو سرقتها فكانت مأساة رفضها المجتمع الدولي لانها ملك للبشرية جمعاء وليس للعراق وحده، وكان من المفروض حماية المتحف وهي من واجبات قوات التحالف كما تم حماية وزارة النفط في بغداد لكن ترك المتحف تحت رحمة السراق والافاقين

    جرت وتجري حاليا عمليات حفر العشوائية من قبل السراق والباحثين عن الاثار لغرض تهريبها بدعم من جهات اجنبية واستخدمت الحفارات الضخمة وهي أخطر بكثير من سرقة المتحف العراقي، لان ما يستخرج من باطن الارض غير مسجل ولا نملك عنه معلومات توثق شكل الاثر ومكان وجوده والفترة التي يعود اليها، ومن الطبيعي استخراج تلك الاثار بهذه الطريقة اللصوصية يؤدي الى تدمير الابنية القديمة والى ضياع الكثير من المعلومات التاريخية، 

   ونتيجة للحرب وفقدان الأمن توقفت البعثات التنقيبية الاجنبية عن العمل في العراق وبذلك فان الكثير من المواقع لم يتم التنقيب فيها والبالغ عددها (12) الف موقع تقريبا، واتمنى ان تعود تلك البعثات لمزاولة نشاطها الاثاري لخدمة العلم والانسانية .

اتمنى ان تقدم هيئة الاثار كتب شكر وتقدير واحترام لكل الدول المجاورة والبعيدة والى الانتربول الدولي التي ساعدت في اعادت الاثار المسروقة من المتحف العراقي وقدرت (36) الف قطعة اثرية تم اعادتها الى المتحف من الدول (بيرو (امريكا الجنوبية ) والولايات المتحدة وانكلترا وسوريا والاردن وتركيا … ) ، وعلى العكس رفضت اسرائيل اعادة ما بحوزتها من الاثار المسروقة الى العراق ، وشكر آخر لكل شخص اعاد الاثار الى المتحف بدافع حب تراث هذه الامة ، وشكر الى هيئة الاثار التي عادت لتحتل مكانتها المرموقة وواجب عليها توعية المواطنين بالحفاظ على المواقع الاثرية وترميم ما دمر وصيانة الابنية الاثرية وارسال البعثات للتدريب على صيانة الاثار والتعاون مع المتاحف العالمية وتبادل الخبرات معها . 6.  واخيرا يبقى الحقد اليهودي على العراق في التوراة والى الكيان الاسرائيلي في الوقت الحاضر، فقد احتفلت منظمة “العاد” اليهودية بامتلاك إسرائيل أهم الآثار عن تاريخ اليهود في العراق، واصفة الحدث بـ”الانتصار الحقيقي للأمة اليهودية”، إذ استعادت جزءاً أصيلاً ومهماً، وهو الأفضل على الإطلاق من تراثها. وقد كشف مصدر مطلع أن الأرشيف اليهودي العراقي الذي تم الاستحواذ عليه كاملاً من قبل القوات الأميركية، تم تسليمه إلى تل أبيب التي أنشأت مبنى خاصاً به كلف نحو 3 ملايين شيكل، نظراً للتحصينات عالية التقنية التي صمم بموجبها، والتي تضمن السلامة من أية مخاطر سواء الكوارث الطبيعية أو القصف العسكري .

     وأضاف المصدر أن المدعو “ياد شاغال”، وهو ابن أول عمدة لتل أبيب بعد أن احتلها اليهود، يعمل حالياً في نصب الأرشيف اليهودي العراقي الذي تمت سرقته من العراق من الغرف المحصنة في مبنى الأمن القومي العراقي السابق مع تحف وآثار نادرة تعود لليهود في العراق، وهي لا تقدر بثمن. وأن قسماً خاصاً بالسفارة الأميركية يمثل ما يشبه ‘السفارة اليهودية المصغرة”، عمل من 2003 على متابعة كل ما يتعلق بشؤون اليهود العراقيين وأموالهم، وإحكام التنسيق لنقل هذا التراث إلى إسرائيل .

     أن قرابة 3 آلاف وثيقة و1700 تحفة نادرة توثق للعهود التي سبي خلالها اليهود في العراق، وهما السبي البابلي الأول (597) ق.م  والسبي البابلي الثاني (587) ق.م ، إضافة إلى آثار يهود العراق آنذاك، وإلى مدد أبعد من العهد البابلي مع أقدم نسخة لـ”التلمود” البابلي عرفها العالم، وأقدم نسخة لـ”التوارة” ومخطوطات كان النظام السابق قد تحفظ عليها ورفض كل أشكال المساومة لتسليمها، قد وقعت بيد الأميركيين إبان اجتياحهم العراق عام 2003، وقد تم إصلاح أغلبها بمقر متحف التاريخ الطبيعي والتراث العالمي في واشنطن على يد أمهر الخبراء العالميين، خاصة أن أغلب الوثائق كانت قد تعرضت للضرر بعد أن غطتها المياه في أقبية الأمن القومي الحصينة .

     يشار إلى أن منظمة “العاد” عملت على سرقة كل ما يخص اليهود في العراق عبر إدخال فرق مدربة من السراق، وبعثة متخصصة لحسابها إلى آثار الوركاء وأور نهبت خلالها آثاراً عراقية ثمينة بطرق مبتكرة لا تثير الشكوك بوجود عمليات تنقيب .

 وارفق صورا ايضاحية أبرز من خلالها سرقة الاثار والاعتداء على المواقع الاثرية من قبل القوات الامريكية، أو تطاول الناس في نبش واستخراج ما طالت اليه ايديهم من التحف وتهريبها الى الخارج. هذا ومع الصور عرض تاريخي مفصل واؤكد (بان آثارنا لا زالت تحت التهديد) فلابد من حمايتها بتظافر الجهود المحلية والدولية حفظ الله عراقنا العزيز.

والدكتور سعدي ابراهيم الدراج كان يتكلم في  بحثة عن ( تعرضت العديد من الأبنية التراثية في بغداد إلى التهديم أو التغيير بفعل التقادم وعوامل الطبيعة، والإهمال والتطور العمراني الذي شهدته المدينة في العقود الأخيرة. وبقيت أمثلة من البيوت والخانات والأسواق والمساجد المتميزة في تخطيطها وعمارتها رعتها مؤسسات رسمية معنية بحفظ التراث من أبرزها الهيئة العامة للآثار والتراث ودوائر السياحة وأمانة العاصمة، فسعت إلى صيانتها وتوظيفها لضمان بقائها. والأمثلة المذكورة تعد صور مثلى للعمارة العراقية، بل أرقى ما وصل إليه المعمار من التفنن في تصميم العناصر العمارية وزخرفتها. ولا شك إن المعالم التراثية في العاصمة تعد من ابرز مراكز الجذب السياحية، لأنها تمثل ما تبقى من صورة بغداد القديمة، ولاسيما البيوت التي يعود معظمها إلى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. إن دراسة الأبنية التراثية وتوثيقها بمخططات وصور امرأ مهما ، لان قسما منها سوف يزول أو يتغير، ومثال ذلك الترميمات التي أجريت على الأبنية التراثية في مختلف محلات بغداد القديمة. وتوجد أبنية أخرى مهددة بالزوال بحجة أنها آيلة إلى السقوط أو أنها تتعارض مع فكرة تحديث المدينة. لذلك لابد من دعوة متواصلة تتبناها المؤسسات الحكومية المعنية في حفظ التراث والجمعيات، لإرساء ثقافة جديدة أو إحياء تقاليد قديمة كانت فاعلة في المجتمع العراقي، من شانها أن تساهم في إيجاد حلول ناجعة للحد من ظاهرة تهديم الأبنية التراثية أو سرقتها تحت مسوغات عديدة.

 

RashcAuthor posts

Avatar for rashc

مركز احياء التراث العلمي العربي مركز يعنى بالتراث العربي

Comments are disabled.